بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله رب العالمين والثناء لوجهه هو ربي لا إله إلا هو عليه توكلت
وإليه متاب وصلى الله على عبده ورسوله محمد وعلى آله وأصحابه وبعد :
البلاء من سنن الله الكونية القدرية ، قال تعالى (ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع
ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين)
والبلاء من الله للمؤمن والكافر ، فهو للمؤمن عقوبة تخفف عقوبته في الآخرة
أو تكفير لسيئاته أو رفعة لدرجاته أو إختبار لإيمانه ولصبره ، أما الكافر
فهو عقوبة لكفره وعصيانه.
ومرد ذلك إلى تقدير الله عزوجل ، فقد يبتلي طوائف وغيرهم أسوأ منهم ، وقد يبتلي
المؤمنين ويمهل الكافرين ، أو يعجل جزائهم فينعمهم ، بل يعفو عن كثير
فلا نقيس ذلك بعقولنا ، بل الأمر لحكمة الله البالغة التي قد تخفى علينا.
أما السبب الأساس للبلاء فهو ذنوب العباد وعصيانهم وكفرهم
يدل عليه الخبر الصادق من الله ورسوله
كقوله تعالى ( ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا
لعلهم يرجعون )
وقوله صلى الله عليه وسلم ( ما من قوم يُعمل فيهم بالمعاصي ، هم أكثر وأعز ممن
يَعمل بها ، ثم لايغيرونه إلا يوشك أن يعمهم الله بعقاب ) رواه ابن ماجه وصححه الألباني
ولإبتلاء المؤمنين والصالحين فوائد وحكم منها :
1) إنه دليل الإيمان فقد سئل صلى الله عليه وسلم : أي الناس أشد بلاءً؟
قال ( الأنبياء ثم الصالحون ثم الأمثل فالأمثل من الناس يُبتلى الرجل على حسب دينه
فإن كان في دينه صلابة زيد في بلائه وإن كان في دينه رقة خُفف عنه )
2) إنه من علامات محبة الله للعبد ، قال صلى الله عليه وسلم ( وإن الله إذا أحب قوما إبتلاهم ) رواه أحمد والترمذي
3) إنه من علامات إرادة الله بعبده الخير ، قال صلى الله عليه وسلم ( إذا
أراد الله بعبده الخير عجل له العقوبة في الدنيا ، وإذا أراد الله بعبده الشر
أمسك عنه بذنبه حتى يوافى به يوم القيامة ) رواه الترمذي
4) أنه كفارة للذنوب وإن قل ، قال صلى الله عليه وسلم ( ما من مسلم يصيبه
أذى شوكة فما فوقها إلا كفر الله بها سيئاته كما تحط الشجرة ورقها ) متفق عليه
والبلاء قد يكون بالخير كزيادة المال وبالشر كالجوع والمرض
قال سبحانه وتعالى ( ونبلوكم بالشر والخير فتنة )
وإذا وقع
البلاء بتقدير الله فإن المشروع للمسلم
1) الصبر وعدم التسخط والشكوى وقول الدعاء المشروع ( إنا
لله وإنا إليه راجعون ، اللهم آجرني في مصيبتي وإخلف لي خيرا منها )
رواه أبو سلمه ، وقالته أم سلمه رضي الله عنها فرزقها الله نبيه صلى الله عليه وسلم
زوجا - إنظر صحيح الجامع للألباني 5764
2) الرضا بالقضاء فالله لا يقدر إلا لحكمة وخير ، والأدلة السابقة تؤكده.
3) الشكر وهو أعلى الدرجات ودليل تمام التسليم ، ولا يحمد في المكروه إلا الله
والصبر والرضا والشكر دليل قوة إيمانك بالقدر خيره وشره
وبأن ما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطأك لم يكن ليصيبك
ودليل الإيمان بحكمة الله البالغة.
4) كما
يشرع دفع
البلاء والسعي في ذلك إن كان مما يدفع
ومن وسائل ذلك :
- التوبة إلى الله فإن الرجوع إلى الله يرفع
البلاء مثلما تجلبه المعاصي.
- الدعاء والتضرع لله برفع
البلاء ، وأن يوقن بالإجابة ولا يستعجل.
- قراءة الأوراد والأدعية وأذكار الصباح والمساء ، فإنها توقف
البلاء أو تخففه.
وتأثير هذه الأذكار يزيد وينقص بإذن الله لأمرين :
أ : الإيمان بأنها حق وصدق وأنها نافعة بإذنه.
ب : أن يصغي لها وقلبه حاضر ، لأنها دعاء
والدعاء لا يستجاب من قلب غافل لاهٍ كما صح عنه صلى الله عليه وسلم.
- ومن أعظم الوسائل لدفع
البلاء قراءة القرآن بغرض الإستشفاء به من المرض
وكل آيات القرآن من الشفاء ومن الأمثلة على ذلك
قراءة سورة الفاتحة مرة أو ثلاثا أو سبعا أو أكثر للرقية من المرض
ومن آثارها المجربة النافعة أنها
علاج للدغ ذوات السموم وعلاج فعال للجنون
وعلاج للأورام وبلسم الآلام والأوجاع.
هذا والله أعلم وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
نقلاً من كتيب
(الحصن الواقي)
تأليف الدكتور عبدالله بن محمد السدحان