على مدونة العدالة الآن، المختصة بمواجهة الصهيونية على الانترنت، نشرت رسالة من طفل فلسطيني إلى أوباما، ولأنني أعجبت بهذه الرسالة جدا، وكذلك فقد وجدت أن كثيرا من العرب قد يكونوا أحوج لقرائتها من الأمريكيين، فالواقع أنني أعتقد، أن بعض العرب هم أقل عروبة ربما من أيهود باراك..
ترجمة الرسالة إلى العربية (ترجمتي ليست متخصصة) كالتالي:
تنبيه: كاتب الرسالة ليست لديه تعريفات واضحة لمصطلحات مثل “السلام” و”الارهاب”
فخامة الرئيس..
أولا أود تهنئتك بالمنصب الجديد، أتوقع أنه جيد لكن ربما يكون عملا مرهقا. عفوا لأنني لم أشاهد احتفال التنصيب، لا كهرباء في غزة، كما أنني كنت مشغولا بانتشال جثامين أسرتي بينما يتم تنصيبكم. سمعت أنه كان احتفالا ضخما، كنت أتمنى أن أشارك العالم احتفاله بكم، لكن ربما تدرك أن هذا كان بعيد المنال في هكذا ظروف.
لكنني سمعتك لاحقا، فبعد يومين أتى جارنا بينما كنا لا نزال نبحث عن جثة أختي الصغيرة، حاملا جهاز تلفزيون محمول، نظر بجدية إلى الشاشة قائلاً: “شباب، سوف يعلق الرئيس الأمريكي الجديد على الوضع في غزة!”، قال بأنه متفائل، لأن مبعوثك، قال ان اسمه مايكل، أو ربما ميتشيل، شئ من هذا القبيل، لكنه قال أنه شخص جيد. حسنا، ها هي جثة أختي الصغرى، البالغة من العمر ثلاث سنوات، محترقة بالكامل. لقد أغمي على ابن عمي البالغ من العمر واحد وعشرون عاما مما رآه، أما أنا فقد تذكرت مقولة والدي: كن رجلا!
لكنني كدت أصاب بالاغماء بينما أحاول سحب جثمانها العالق تحت ركام المنزل، لقد بدأت جثتها تتمزق، لقد كانت محروقة تماما! قبل أن أفقد تماسكي، تذكرت نصيحة أمي، كانت دائما ما تقول لنا عندما نصاب بالخوف من أصوات القصف الاسرائيلي: “عندما تشعر بالخوف، وجه تفكيرك إلى شئ آخر”..
شكرا لك فخامة الرئيس، لقد كان تعليقك هو “الشئ الآخر” الذي شتت انتباهي بينما كنت أجمع أشلاء أختي الصغرى، لقد سمعتك تقول: “اسرائيل تملك حق الدفاع عن النفس”..”إقرار السلام في الشرق الأوسط”..”حماس تطلق الصواريخ”..”ديموقراطية”..وكلمات أخرى لا أستطيع تذكرها، عذرا لذلك مجددا، لقد كنت أحاول التركيز في كلمتك لكن رائحة جثمان أختي ومحاولتي ألا أفقد بعض أشلائها لم يساعداني على ادراك كل ما تقول بالضبط، تنبهت فقط لغضب جارنا واغلاقه للتلفاز متذمرا من استهلاكه للبطارية دون جدوى، وكنا قد انتشلنا جثة أمي ونصف جثة أبي، إذ لم نعثر على النصف الثاني أبدا.
لأكون صريحا معك، لم أفكر أبدا في مراسلة رئيس أمريكي، أعني أنه لا يبدو ملائما في حين نُضرب بالسلاح والتمويل الأمريكي. فالأطباء في المستشفى يقولون أن الأمريكان يجربون قنبلة تدعى Dime في هذه الحرب، أعني الحرب على غزة، ونحن لا نخاطب العدو، لكنني سمعتك تقول أثناء سيري في الجنازة، في نفس التلفاز المحمول الخاص بجارنا الذي يغلقه دائما بعد خطاباتك متذمراً، بأنك تريد أن توصل لنا، عبر قناة عربية، رسالة بأن أمريكا ليست عدونا!..لقد شعرت بالمسؤولية، فمن الواضح أن أحدا ما يتصرف دون علمك، واضح أنك لا تدرك أننا قتلنا بأسلحتكم، من الواضح أن من يستخدمون الفيتو الأمريكي لتمكين اسرائيل من الافلات بجرائمها تجاهنا في مجلس الأمن يفعلون ذلك دون -حتى- إخباركم، من الواضح حتى أنك لا تدرك أن أمريكا تضخ كميات ضخمة من الأموال إلى اسرائيل سنويا، حسنا سيادة الرئيس، اسرائيل هي العدو الذي لم نختر عداوته، لم نتوسل إليها أن تضع الحواجز العسكرية في طرقنا، لم نرجوهم أن يحاصرونا، لم نتسول القنابل الفراغية والفوسفورية، ولا القنابل الجديدة التي كنتم تجربونها فينا.
كما سمعتك تقول أنك تريد إقرار السلام في الشرق الأوسط، أعلم، أعلم، نحن الشرق الأوسط، هذا نحن!
لماذا سيادة الرئيس؟!..لم تريد إقرار المزيد من السلام هنا؟!..أما حصلنا على كفايتنا منه؟!!..لقد حصلنا عليه أكثر من اللازم في الحرب الأخيرة!..هل تريد إقرار المزيد؟!..الشقراء ليفني قالت إنها تريد السلام ولذا قامت اسرائيل بكل أعمالها العدائية ضدنا! لقد فقدت كل عائلتي في عملية السلام الأخيرة!..وهؤلاء الذين فرضوا الحصار على غزة، والذي توفي بسببه أحد أبناء عمومتي بسبب نقص الدواء، كلهم يريدون السلام: عباس، فياض ومبارك، كلهم رجال سلام تماما مثل ليفني!..جميعهم فعلوا ما في وسعهم لإقرار السلام، لا أظنك تحتاج المزيد من السلام، أليس كذلك؟!
لقد انتقلت إلى بيت ابن عمي، لقد فقد كل عائلته أيضا، وصار هو كل أهلي كما صرت كل أهله، أنا في حضانته الآن. انه في الحادية والعشرين كما سبق وأخبرتك، كان طالبا في كلية الطب، لكنه لم يستطع التخرج، فالحصار وسوء الظروف دفعاه لترك الدراسة والعمل، انضم لاحقا للمقاومة أثناء الحرب الأخيرة، هو الآن عضو في حماس، الذين قلت أنك سوف تطبق السلام عليهم، أو فيهم، أو بهم، شئ من هذا القبيل..صحيح؟
على أي حال، لا أذكر ما قلته لكنني فهمت أنك تريد إيذاء ابن عمي أيضا لأنه إرهابي، ما مشكلتك يا ترى مع الإرهابيين أمثال ابن عمي؟!
انه رجل لطيف للغاية، متأكد أنك سوف تحبه إذا قابلته، انه يعد لي البيض المقلي ببراعة للإفطار، يأخذني إلى المدرسة، ويبقى بجواري طوال الليل بسبب ما يصيبني من الكوابيس، فإذا قمت مذعورا يضع يده على جبهتي ويرتل آيات من القرآن الكريم ثم يغني لي أغنية رائعة حتى أنام مجددا، يلعب معي الكرة في شارعنا بعد المدرسة، ويقول لي أحلى النكات والقصص الجميلة بينما يؤرجحني مع أصدقائه الارهابيين، وأضحك حتى تدمع عيناي. على تلفاز جارنا رأيتك تطبق الارهاب على بناتك، لقد كنت تلاعبهن تماما كما يلاعبني ابن عمي، لم لا تريد أن يكون ابن عمي إرهابي صالح مثلك؟!..لم تريد أن تقر السلام في بلادي بينما تسعدون أنتم بالحياة في ظل الارهاب؟!..هل أزعجناك سيادة الرئيس؟..نحن حتى لا نعرفك!..إذا كان أحد أبناء حينا قد ضايقك أخبرني فقط وسوف ألزمه بالاعتذار إليك!
ثم تخبرنا أنك لست عدوا لنا!..إذن من يكون سيادة الرئيس؟..فهمت، انها جمهورية الكونغو الشعبية!..عفوا، قالت لي أمي أن أخفف من ملاحظاتي الساخرة، أعتذر إليك، لكن تخيل سيد أوباما أنك تحمل جثة احدى بناتك -لا سمح الله- بينما أحدهم خلفك يزعجك بلومك أنت على مصرع ابنتك أنت ولا يلوم أبدا من قتلها..بل على العكس يرى أن القاتل موقفه سليم تماما وأن ابنتك تستحق ما حدث لك!..ماذا تظن بخصوص هذا الشخص؟..هل تظنه صديقا؟
السيد الرئيس، أعلم أنك “لست عربيا لكن سليل أسرة عريقة”، لكن هذا لا يعني أن الرجال والنساء والأطفال العرب، وبالتالي غير اللائقين اجتماعيا، يجب شويهم!..لا يمكن أن نقتل الناس لأنهم غير لائقين اجتماعيا!!..بالمناسبة، فوالداي لم يكونا من حماس، صحيح أنهما انتخباها لكنهما لم يعملا مع المقاومة..
أمي كانت سعيدة بالانتخابات، كانت تقول أنها ديموقراطية، حزين أنا لأنها لم تكن تعلم أن الديموقراطية هي الدمار، كانت تظنها شيئا جميلا، أنا أعلم أن الديموقراطية مثل السلام تقتل العائلات، لكنني علمت هذا متأخرا، ربما لو كانت أمي تقرأ أكثر لعلمت أكثر.
الموقف ككل محيّر بالنسبة لي، ابن عمي يقول أنني لا أزال طفلا، لكنني لم أعد طفلا، إنني أبلغ سبع سنوات الآن، رجل كما أراد لي أبي، لكنني بعد لا أفهم، ماذا يفعل الناس عادة عندما يتعرضون لاحتلال، سوى أن يقاوموا؟!..عندما نكون أصحاب الأرض الأصليين، ثم يأتي أحدهم ويطردنا من أرضنا ليبني عليها مستوطنات، هل يفترض أن نسلّم له دون مقاومة؟!..هل تفعل أنت ذلك سيادة الرئيس؟!..هل تسلّم بيتك بهذه البساطة؟!..لم تعيش أنت سالما مع بناتك في بيتك بينما بيتي مدمّر؟!..أنا لست من ذوات الأربع!..حقا ليس لي أي ذيل، تستطيع التأكد بنفسك!..إنني انسان مثلك، مثلك تماما!
يبدو أنك تصدق الشقراء عندما تقول أن حماس تختبئ بين المدنيين، سوف أخبرك بالقصة كاملة لأنه من الواضح أنهم خدعوك!..ان حماس ليست عفريتا أو وحشا، بل هي حركة، كيف أقرب لك المعنى؟..نعم، هي ناد أو فريق عمل، شئ من هذا القبيل..مجموعة من الناس، مجموعة كبيرة من الناس، غالبا يشبهون ابن عمي، أعني أنهم أناس عاديون، اخوة وأبناء عمومة وجيران، لهم بطبيعة الحال عائلات وبيوت، هذه البيوت في غزة، فعندما يجلس أحدهم في بيته بين اخوته، في بناية مليئة بالنساء والأطفال فإنه لا يختبئ!..لو اتصلت به على الهاتف فسوف يجيب، ولو ناديته من الشارع سيطل من النافذة كما هو الحال مع أصدقائه دائما!
هم فقط لا يجدون مكانا سوى غزة، ولا بيوتا سوى بيوتهم، الشقراء تقول انهم يطلقون الصواريخ، حسنا واسرائيل احتلال يجب أن نطرده من أرضنا!..وهذه التي تسمونها “مدن” ليست إلا مستوطنات بنيت على أرضنا المحتلة، وهؤلاء الذين تتعاطفون معهم بدعوى أنهم “مدنيون” ليسوا إلا محتلين جلبهم الجيش الاسرائيلي ليحتلوا أرضنا، كما أنها تكذب!..لم يكن هناك أي وقف لاطلاق النار، ولما ادّعت وقف اطلاق النار كان الطيران الاسرائيلي فوق رؤوسنا يقصف، قتل ستة منهم جار ابن عمي، جُرح وتُرك على الحدود المصرية حتى مات!
أؤكد لك أن ستة ماتوا، فابن عمي ذهب جنازة جاره!..أرأيت؟!..إنها تكذب، لا أتخيل أن تكذب امرأة بالغة بهذا الشكل طوال الوقت!..ولأنك رجل طيّب أستطيع تفهّم أنك تصدّقها، فالكبار لا يجدر بهم الكذب، لكن الحياة مليئة بالمفاجآت!..أقسم لك أنها تكذب!..أقول لك، دعها تواجهني بما تقوله للعالم..سأقول لها أنها تكذب ولن تستطيع الإنكار!..أراهن أنها سترفض مواجهتي من الأصل..
حقيقة لا نريد عداوتكم سيادة الرئيس، أنتم الأمريكيون تنتجون أفلاما لطيفة، وشطائر برجر لذيذة، وشراب الكولا المنعش، نستطيع أن نحبكم بسهولة لكنكم لا تمنحوننا أي فرصة، تسلّحون الاسرائيليين ليغمرونا بالسلام الفسفوري، وسلام قنابل Dime ويدمروا مدارسنا بالقنابل الفراغية ويجعلونني يتيما بشكل سلمي!..والآن أنا مهدد بفقد آخر شخص في عائلتي، إن هذا لا يجعل منكم وسيطا منحازا ولا حليفا قويا للعدو، إنما يجعل منكم عدوا!
ليس من الذكاء أن نعادي الأقوياء، لكن ماذا نفعل؟!..يبدو أنه اختياركم سيادة الرئيس ولا شئ نستطيعه حيال ذلك!
لا تقلق سيادة الرئيس، فكل شئ مستقر الآن، أعيش مع ابن عمي الذي قام بإعدادي عاطفيا لفقده، لقد أخبرني بما أفعل لو مات..
أعلم ما عليّ فعله، ذهبت إلى صديق وأخبرته أن يضمّني للمقاومة دون إخبار ابن عمي، لكنه قال أنني لا زلت طفلا، فطلبت من ابن عمي أن يجد طريقة للحصول على اللبن والجبن المهرّب عن طريق الأنفاق لأكبر سريعا وأكون قويا، وأنضم للمقاومة لأكون شابا قويا ولطيفا كابن عمي، لأدافع عن أرواح الأمهات والآباء، لأحمي أطفالنا من أن يكونوا أيتاما مثلي.
أما أنت فحاول أن تعرّفنا بمن أزعجك في حيّنا وجعلك تصر على قتلنا جميعا، أقسم أن أمزقه إربا..
لك مني أفضل التحايا ولبناتك خالص تقديري، سوف أدعو لهن ألا يواجهن مصيري.
علي
vshgm 'tg tgs'dkd hgn h,fhlh h,fhlh vshgm tgs'dkd