المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : اللبن المسكوب


خبيلان
02-27-2009, 09:39 PM
هل فكرت يوما بينما انت تنوي تناول كوب اللبن اذا بك تسكب اللبن على مائدة الطعام هل ستجزع وتصاب بالاسى والحزن ام انه لن يتغير في الامر شيء إذا كنت ممن يجزع فاعلم بانه لن يعيد ذلك السائل المسكوب.


دائما نحن نمارس هذا الاسلوب السلبي في حياتنا اليومية لا ننظر الى الغايات الحقيقة وراء كل حدث وانما ننظر الى الحدث بلحظيته ولا نعبأ بالرسالة التي خلف هذا الحدث،من خلال اطلاعي او ان صح ادماني في النظر والقراءة في سير المتقدمين والعظماء اجد إجماعا ليس لفظيا وانما عمليا من خلال ممارساتهم بانهم دائما ما ينظرون الى الاحداث بايجابية وتفاؤل عجيب تكاد تستغرب منه وهذا التفاؤل شتان بينه وبين التبلد فلم يكن تبلد المرء وقت الازمات تفاؤل بل هو قمة السلبية.



تأبى الايجابية السمحاء على صاحبها ان تجعله اسير الماضي المليء بالجراحات فالايجابي منطلقا في الحياة يرفض التقوقع والشرنقة التي تخلفها الازمات،ولكأني بالنبي عليه السلام يوم الخندق عندها كانت الدعوة على المحك اما النصر واما ان يذهب كل ما تم بناءه أدراج الرياح لم يتخاذل رغم تخاذل كثير ممن حوله من المنافقين والذين في قلوبهم زيغ فاخذ يمنيهم بملك كسرى وقيصر وهو في أحلك الظروف فسخر منه الساخرون وماضجر ومضى رافعا عليه الصلاة وسلم واثقا بربه ثم بنفسه انه سيتحقق له النصر ونصر في النهاية.



سنة ماضية ثابتة لا تتبدل ولا تتحول ان مع العسر يسرا وبعد الشدة فرجا وكم من منحة في طياتها محنة وكم من محنة في طياتها منحة انها نعمة الالم التي صنعت من الساقطين الذين في ذيل القائمة في مقدمة الركب وصنعت من الشعراء عمالقة كبار وكذلك الكتاب حتى انك تكاد تجزم حينما تطالع كتابا او قصيدة بان كاتبه قد مر بتجربة مريرة فدبت في كتاباته أوفي فكره أو شعره الحياة فهاهو النابغة الذبياني يهدده النعمان بن بشير بالموت فانشد ابياتا تسير بها الركبانفإنك شمس والملوك كواكب....إذا طلعت لم يبد منهن كوكب)




وهاهو ستيفن هوكنغ يصاب بالشلال الكامل في شبابه ولم يقوى حتى على الحديث مجرد الحديث الا بالالات لم تقف هذه الهامة وتنظر الى هذه العاهة بل واصل تعليمه وارتقى حتى اصبح يصحح نظريات العالم ألبرت اينشتاين في الفيزياء النووية واصبح قبلة العلماء في شرقها وغربها يقبلون عليه لينهلوا من هذا الرجل الذي لا يتحرك منه شيء سوى عينيه فقط فسبحان الله هكذا يفعل النبلاء يصارعون الملمات ويطرحون النكبات أرضا ويحطمونها فلله در الصبر فوالله لوكان الصبر رجلا لكان رجلا تقيا.



ولتعلم ايها القاريء ان من سنن المحن سنة التغيير وتبدل الحال وقدر الله وجود الضدين فالليل يعقبه النهار والحياة يعقبها الممات،سنة ان الشدائد تبدأ كبيرة ثم تصغر انما هي الصدمة الاولى فقط،سنة لو لا الشدائد لما عرفت قيمة النعم ولا تذوقت الراحة فما اجمل الراحة بعد التعب والاجهاد والنوم بعد السهر والمشقة.



انهي حديثي بقصة كنت احد ابطالها وهي قمة الشدة لا يعلوها شدة حينما كنت على متن الطائرة وهي تعبر بنا المحيط الاطلسي كنا في داخل الطائرة مسرورين كعادة المسافر يستمتع في ترحاله وسفره لكن سرعان ما تعكرت الاجواء فبدت تهتز الطائرة بشدة اثر مطب فضائي عنيف افقد الطائرة توازنا واذا بنا نسمع صرخات كابتن الطائرة بالنداء على المضيفين بسرعان انزال قوارب النجاة فتعالت الاصوات ولا صوت يعلو صوت الموت ولكان الصورة لا تغادرني ولا تبرح تفارقني اذا تذكرت الموت فلقد عشت لحظات ماقبل الموت فاذا بالركاب يبتهلون ويهللون ويستعدون لملاقاة الجبار عز وجل بعمل هش وذنوب كالجبال فلا ملجأ منه الا اليه سبحانه وتعالى مر شريط حياتي وان كان قصيرا امام نظري اثناء الصراخ فقلت هل من فرصة يا الهي لاعمل واجدد النية فمن الله علينا بالنجاة وهبطنا الى بر الامان فاذا بالناس يتضاحكون فتذكرت قول المولى عز وجل( فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ )



والحادثات وان أصابك بؤسها.......فهو الذي أنباك كيف نعيمها