عميد متقاعد
12-14-2006, 05:01 AM
ناالـــــــدور الســـــابـــع 0000
يشـــرع لنــا الفـــراق مــالا تشـــرعــه لنــا الأحـــاسيــس الأخـــرى
وتضعنـــا النهـــايــه دائمــاً امـــام قــــوس مغلــق
والنهــــايــه تشبــه البـــدايــه ولكنهــا مقلــــوبــه
النهــــايــه تشبــه الهـــلال فــي آخـــر لحظـــاتــه
************
المكــــان .... احـــد فنـــادق القــاهــره الشهيــره المطـلــه علـى النيـــل
الـــزمــن .... شهـــر اغسطـــس صيـــف 1999م
دخل خالد غرفته بالدور السابع في منتصف الليل بعد عودته من حفل
غنائي احياه فنان العرب ( محمدعبده )كان فنان المفضل ... هيأ نفسه
للنوم ولكن ابى النوم ان يداعب اجفانه ... اخذ ينظر للشرفه فهم
بالنهوض ودخل شرفته وهو يردد مقطع من اغنية ... على البال ... حيث
مازالت ترن في مسامعه .. كان الجو يميل للبروده وهناك نسيم عليل
يتطاير من هنا وهناك ... وكانت هي واقفه في الشرفه المجاوره
لشرفته ... تنظر الى الاسفل الى مياه نهر النيل المنسابه .. وتضع
على رأسها غطاء ..صمت خالد وأخذ ينظر اليها دون ان تشعر هي به ..
لقد بهره جمالها وهدووء وقفتها تستند بذراعيها على سور الشرفه
وتحيط بها السكينه وعلى شفتيها ترتسم ابتسامه ناعمه .
خالد : كانت هذه اول نظرة لي اليها .. لم اعرف كيف احدد ابتسامتها
ذلك الوقت .. هل هي ابتسامة حزينه ام سعيده ام ابتسامة خجلى ..
كانت حيرتي شديده انذاك لمعرفة سر ابتسامتها .. ولكن ماكنت متأكد
منه انها اجمل ابتسامه رأيتها في حياتي ...
مازال خالد يحدق بها وينظر دون ان تدري الى
نصف محياها الواضح له ,
اخيراً ادارت الفتاه رأسها ناحيته وكأنها سمعت دقات قلبه المتسارعه ..
فاجأها وجوده بالقرب منها فأسرعت بتغطية نصف وجهها وهمت
بالدخول واغلقت باب شرفتها مستندة عليه ونبضات قلبها تتسارع في
صدرها .
نوف : ياآلهي منذ متى وهو يراقبني ؟ هل رأى وجهي ؟ وكيف لم
اسمع وقع خطواته ؟وهل ياترى رأنا احد ونحن واقفين هكذا جنب الى
جنب ؟رباه لو رأنا ابي .. مذا سيفعل بي حينها ؟
ذهل خالد من هروبها السريع واختفائها عن انظاره .. وجلس ينتظر
عودتها .. وتوالت الساعات الى ان انبلج النور ينبأ بيوم جديد في حياتهما
دون ان يعرف اي منهما ماذا ينتظرهما .
خالد : من ياترى هذه الفتاه ؟ اعتقد انه يومها الاول هنا .. فلم يكن احد
بهذه الغرفه قبل اليوم .. وهل هي بمفردها ام مع عائلتها .. ام مع ...
لا .. لا .. اتمنى ان لا تكون متزوجه , لكن ايعقل ان تكون هناك عينان
عينان بهذه الروعه وقوام بهذه الاثاره وابتسامه آه مااجملها من ابتسامه
استسلم خالد لسلطان النوم وكله امل ان يستيقظ وان لا
تكون فتاة الشرفه مجرد حلم
؛ ؛ ؛
؛ ؛
؛
خالد اعتاد ان يقضي اجازته كل عام في اوروبا .. ولكن هذا العام قصد
القاهره لغرضٍ واحد فقط .. وهو حضور حفلة ( محمد عبده ) المقامه
في فندق سمير اميس وبعدها يسافر مع صديقه احمد الى لندن
لتمضية البقيه من اجازته
؛ ؛ ؛
؛ ؛
؛
استيقضت نوف وطرقات صغيره على باب غرفتها فنهضت بكسل وفتحت
الباب لأخوتها الصغار (عبير ونايف)ورمى الاخير نفسه في حضنها وهو يلهث ...
نايف : نوف ... نوف ابي يريد ان يتحدث اليك ... بسرعه
ارتعدت نوف ... وخاطبت نفسها قائله :
ياآلهي هل رأني ليلة البارحه ؟ ام ان احداً اخبره بما حدث ؟
حسناً اخرجا الآن وعودا الى امي ... وسوف اوافيكما بعد قليل
رفعت سماعة الهاتف وطلبت غرفة والديها ...
نوف : صباح الخير
والدها : صباح النور
نوف : ترددت قليلاً ... هل طلبت التحدث اليّ ؟
والدها : نعم لقد حجزت لنا رحله في (السفينه الفرعونيه) واردت ان آخذ رأيك بها
اخذت نوف نفساً طويلاً وكأن جبلاً قد انزاح عن قلبها
نوف : جيد ياابي .. فكره رائعه متى ستقوم الرحله ؟
والدها : بعد الظهر .. اي بعد ساعه ونصف من الآن
نوف : حسناً سأكون جاهزه خلال نصف ساعه فقط
في بهو الفندق .. كان هو جالس هناك .. لمحته نوف وهي قادمه مع
والديها تلاقت انظارهما فأرتبكت نوف ورمت بنظراتها في كل اتجاه .. عدى الزاويه التي يجلس هو فيها
خالد : هي .. نعم هي .. لم تكن حلماً اذاً .. هي التي امتعت ناظري
ليلة البارحه برؤية جمال محياها .. هي من ارجفت جوارحي بوقفتها تلك
نسي خالد كوب الشاي الذي كان يتناوله حتى برد .. ووضع الصحيفة
جانباً واخذ يسترق النظر الى فتاته الحلم وهي تنتظر مع والدتها واخوتها
الصغار عودة والدها بسيارته
نوف : اكاد احس بنظرات عينيه تخترق عبائتي .. آلهي اجعله يحيد
بنظره عني قبل عودة والدي .. آه لما انا ارجف بهذا الشكل لمجرد
وجوده هنا في نفس المكان الذي اقف به
خالد : من هي هذه البنت ... جمال وانوثه طاغيه وايضاً حشمه
محببه ... تكاد تسلب قلبي من صدري
ركبت نوف سيارة والدها وتوارت عن انظار خالد ... الذي لم يعد يحس
بما حوله غير هذه الجميله التي تسكن الدور السابع
؛ ؛ ؛
؛ ؛
؛
جاء احمد صديق خالد وجلس بجانبه ...
احمد : لقد حجزت لنا مقعدين على رحلة المساء المتوجهه الى لندن
خالد : الغ الحجز .. لم اعد اريد السفر الى هناك
احمد : نعم ... ! ! لماذا ؟ ؟ لم يكن هذا رأيك سابقاً .. قلت انك تريد
حضور حفل محمد عبده ثم التوجه الى لندن مباشره بعد ذلك
خالد : نعم كان هذا قراري ولكن الا يحق للمرء ان يعدل عن بعض قراراته ...
ضحك خالد واشرقت عيناه وسط ذهول احمد واكمل حديثه
خالد : لقد احببت القاهره وسأضل فيها الى ان تنتهي اجازتي
احمد : القرار يعود اليك ( ولله في خلقه شئون ) اذاً انا معك الى ان
تنتهي الاجازه تعرف اني لا استطيع السفر بدونك .. هيا بنا نخرج
وسأختار انا مكان سهرتنا لهذه الليله
خالد : لا .. اعذرني لن اخرج اليوم الى اي مكان .. سأبقى في الفندق
( وخاطب نفسه .. سأنتظرها الى ان تعود .. علنى اروي ضمأ عينيّ برؤيتها )
احمد : اجلس هنا لوحدك اذاً .... الى اللقاء
عادت نوف مع والديها الى الفندق بعد رحله ممتعه .. وخالد مايزال
جالس بنفس الزاويه .. لم تصدق نوف ناظريها لدى رؤيته
نوف : ايعقل ان يكون بهذا الجنون ليجلس كل هذه الساعات بنفس
المكان ... ايكون هذا الرجل عاشقاً .. او به حزناً يمنعه من الخروج
والتمتع بأجازته .. لما انا مهتمه بما يشعر به بهذا الشكل ؟ !
صعدت نوف الى غرفتها .. واسرعت الى الشرفه وهي مازالت بعبائتها
ولثامها ... لتجده هناك ينتظرها بأبتسامه تجلت فيها كل معاني الشوق والوله
خالد : مساء الخير
لم ترد له تحيته .. بل اكتفت بالنظر الى الخارج .. وكأنه غير موجود ولا
يفصله عنها سوى مسافة مترين
خالد : مساء الخير ... لما لا تردين تحيتي ؟
تراجعت نوف تريد الدخول ....
خالد : ارجوك قفي لا تذهبي .. لقد افسدت لك امسيتك .. ارجوك
عودي .. انا من سيذهب من هنا
دخلت نوف غرفتها بسرعه دون ان تتفوه بأي كلمه
نوف : ماذا يريد مني .. لما هو يلاحقني بهذا الشكل .. انني احب
الوقوف بالشرفه والاستمتاع بمشاهدة النيل من فوق ... لا اريد ان احرم
من هذا المنظر الجميل وهذه الشرفه ... لكنه كان بمنتهى الذوق
والاحترام ... هل اخرج الى الشرفه مرة اخرى ؟
لا ... لا لن اعود سأنام باكراً هذه الليله عله يرى مدى تجاهلي فيعدل عن ملاحقتي
لقد دخل خالد الى غرفته لكي يتيح لها العوده الى الشرفه .. ولكنها لم تعد
خالد : ماأغباني لما حادثتها بهذه السرعه ؟ كان علي الانتظار الى ان
تعرف بأني لا اريد اذيتها .. واني لست برجل عابث
نامت نوف وهي تسمع خطوات جارها القلقه .. لقد كان يدور في الغرفه
ثم يخرج الى الشرفه .. ويعود ثانيه الى غرفته ... خالد لم يعتد النوم
باكراً .. لذا ظل جالساً حتى ساعات الصباح الباكره الى ان غلبه
النعاس ونام وهو يفكر بصاحبة الغرفه 509
؛ ؛ ؛
؛ ؛
؛
افاق خالد كعادته بعد الظهر ... تناول افطاره بالغرفه ... وعاملة النظافه
تقوم بعملها امامه ... وخطرت بباله فكره ... سأل خالد العامله عن
اسمها فأجابته بأنها تدعى ليلى
خالد : الديك ابناء ياليلى ؟
العامله : نعم ياسيدي لي ابن واحد فقط وهو رضيع
رق قلب خالد عندما ذكرت ان لها رضيع وهو محروم من احضانها الآن ..
فوضع بعض من الاوراق النقديه على الطاوله
خالد : خذي هذه النقود .. واجلبي لصغيرك مايحتاجه
شكرته العامله وابدت مدى امتنانها لكرمه
خالد : ليلى .. اتعرفين التي تسكن بالغرفه المجاوره ؟
ليلى : لا اعرفها جيداً سيدي فأين انا منها
خالد : لا اقصد ذلك .. اسمعي ليلى .. انا معجب بهذه الفتاه واريدك ان تساعديني
ليلى : عفواً سيدي .. لا تطلب مني هذه الطلبات لست انا من تفعل هذه الافعال
خالد : لا ليلى .. لا تفهميني خطأ .. اقسم لك اني ماقصدت اي فعل
مشين .. اريد ان اعرف اي شيء عنها فقط .. فأنا رجل انزه نفسي عن
كل مايمس شرفي
ليلى : سيدي كل الذي اعرفه ان قلبها يملك من الطيبه مايكفي لجميع
سكان هذه الارض .. متواضعه بعيده عن الغرور وفيها مايشابه لكرمك
سيدي ... لقد اهدتني بعض من اشيائها .. وطلبت مني صوره لصغيري
كي تراه .. انها تملك فؤاد ينضح بالرحمه والطيبه
خالد : وماذا ايضاً .. تكلمي ارجوك لا تتوقفي
ليلى : هذا كل مااعرفه عنها سيدي
وهمت عاملة النظافه بالخروج من الغرفه ونظرات خالد تائهه .. وعلى
شفتيه ابتسامه وبارقة امل تلوح في عينيه .. استدارت له ليلى قبل ان تخرج وقالت :
سيدي اريد ان اخبرك انها تدعى نوف .. وانهت ثلاثة وعشرون ربيعاً من عمرها
وخرجت ليلى بعد هذا التصريح وعلى محياها تلوح ابتسامة رضى
خالد : تدعى نوف ... مااجمله من اسم ... وثلاثة وعشرون ربيعاً اي
انها تصغرني باربع سنوات ... ها قد اصبح لفتاتي اسم اناجيها به
دخلت عاملة النظافه الغرفه 509 وبادرت نوف بالتحيه
ليلى : صباح الخير .. هل استيقضتي آنستي ؟
نوف : نعم ادخلي ليلى .. كيف حالك وكيف هو صغيرك ؟
ليلى : بخير آنستي
نوف : ليلى اريد ان اسألك عن شيء ولكني خجلى من سؤالك اياه
ليلى : تفضلي آنستي .. ولم الخجل .. يعلم الله اني اعتبرك بمثابة اختي
نوف : شكراً لمشاعرك تجاهي عزيزتي
وترددت نوف في كيفية صياغة سؤالها ولكنها شاهدت ابتسامة
ليلى من ترددها وخجلها
ليلى : آنستي لدي شعور ان سؤالك يدور حول صاحب الغرفه المجاوره
اعترت الدهشه وجه نوف الجميل واصابت الرجفه اطرافها
نوف : ياآلهي كيف عرفتي بذلك .. وهل احد غيرك يعرف عن هذا الموضوع شيء
ليلى : اطمئني آنستي لم يعرف احد بشيء ولكن جارك هو من بادرني بالسؤال عنك
ابتسمت نوف وغزت مشاعر الخجل وجهها الفاتن واسدلت اهدابها
بنظرات تفوق الوصف في صفائها
نوف : ماذا يريد .. وعن ماذا سأل ؟ وماالذي قلتيه عني ؟
ليلى : آنستي امهليني كي اجيب .. لقد سألني عن اي شيء اعرفه
عنك .. واجبته انك تملكين اطيب قلب في العالم واعذريني آنستي بعد
ان اقسم لي انه لا ينوي ايذائك وانه معجب بأخلاقك وشخصك .. اخبرته بأسمك
صمتت نوف .. وهي تفكر هل فعلاً اعجب بها دون ان يكون هناك شيء بينهما ؟
نوف : اذاً هل لكي ان تخبريني اي شيء عنه يسكن فضولي الثائر
ليلى : له قلب تحيط به الطيبه .. رجل لم ارى منه الا نظرة الاحترام
لكوني عامله واعيل صغيري واساعد زوجي ... كريم ويملك قلب طفل
صغير .. رأيت ذلك من خلال نظراته عندما ذكرت له صغيري
نوف : فقط هذا الذي تعرفينه .. اريد ان اعرف هل هو لوحده ام لا ..
وكيف يقضي سهراته ومنذ متى وهو موجود هنا
ليلى : نعم هو لوحده .. وله صديق يأتيه كل يوم ويخرجان معاً .. وله
اسبوع فقط منذ سكن هنا ... ويخرج كل يوم بعد المغرب ولا يعود الا
منتصف الليل ... أه نعم .. لقد نسيت انه يدعى خالد
ابتسمت نوف بعد ان ذكرت العامله اسمه وفرحت بهذا القدر من المعلومات عنه
؛ ؛ ؛
؛ ؛
؛
توالت الايام وهم بهذا الحال لا يرى كل منهما الآخر الا بنظرات مسترقه
وعابره .... وفي المساء يخرج كل منهما الى الشرفه ويقفان بدون اي
حديث ... هي لا تستطيع الحديث من خجلها وخوفها الطاغي
وهو .. ممتنع عن الكلام خوفاً ان تهرب من امامه ... فكان يكتفي
بالوقوف والنظر الى هذا الجمال الذي يقف بكل هدووء وسكينه دون ان يبادله النظر
نوف : لما هو صامت بهذا الشكل ... لم لا يتحدث اليَ .. او يحيني بتحية
المساء ... آه ... هل فقد اعجابه بي شعلته .. ام زال اهتمامه بسبب جفائي ؟
خالد : لو تعرفي كم هو شوقي للحديث اليك اريد ان ابثك اشواقي واعبر
لك عن مدى راحتي برؤيتك هكذا وانتي بكامل حشمتك وبغطاء وجهك
الذي يخفيه عني عدى عينيك الساحرتين آه .. من عينيك كيف
استطاعت ان تأسرني وتجعلني سجين اهدابها
نوف : رباه اتمنى ان يتفوه بكلمه واحده فقط .... وان كانت تصبحي على خير
واجتاحتها موجه من الغضب عليه فقررت ....
يتكلم خلال خمس دقائق سأذهب لأنام وسألقنه درساً لن ينساه
ظل هو صامتاً ... وهي تنتظر بلهفه الى ان انقضت الدقائق الخمس ...
عندها دخلت غرفتها واغلقت باب الشرفه ..طغى الحزن عليه ولم يفهم
سبب دخولها وهي من اعتادت الوقوف كل ليله الى ان ينذر الفجر ببزوغ نوره
خالد : هل هي متعبه ؟ ام مستائة مني ؟ المصيبه ان تكون ملت
وجودي صامتاً بهذا الشكل ساعدني ياآلهي اكاد اُجن ....
؛ ؛ ؛
؛ ؛
؛
نوف : ابي لا اريد الخروج الليله ... اني متعبه .. هل بأستطاعتي البقاء في غرفتي ؟
والدها : نعم .. ولكن لا تخرجي لوحدك في غيابي ولا تفتحي الباب لأيُ كان
نوف : حسناً سأفعل ماطلبت ... انا بأنتظار عودتكم
لاحظ خالد غياب نوف وخروج والديها بدونها فأخذ القلق عليها مأخذاً في فؤاده
خالد : لما لم تخرج معهم ... هل هي مريضه ؟ ام انها تنتظرني في الشرفه ...
جن جنونه لهذه الفكره .. ونهض مسرعاً الى غرفته ومنها الى الشرفه
ولكنه لم يجدها هناك
خالد : اين هي اذاً ؟ لما لم تخرج للشرفه ؟
وقف هناك ينتظر خروجها وهي تسمع وقع خطواته المرتبكه في شرفته
نوف : لن اخرج اليوم حتى لا يقف صامتاً مرة اخرى وانا اتحرق شوقاً لكلمة منه
هو يقف والقلق والحيره يأكلان قلبه ... وهي .. تصارع شوقها في
الخروج والنظر اليه
نوف : لم اعد احتمل .. سيقتلني الشوق سأخرج وان كان لا يريد التكلم
معي .... يكفيني ان انظر اليه واشبع ناظري بمن ملك فؤادي
خرجت نوف الى الشرفه واثناء ذلك دخل خالد الى غرفته دون ان يراها
ومن ثم خرج منها بعد ان يأس من خروجها
نوف : ياآلهي ... لقد سئم الانتظار .. آه ماذا فعلت بنفسي ... حرمتها
من لذة النظر اليه .... كم انا غبيه ... رباه ما اتعسني
في تلك الليله عزمت نوف ان تعتذر لخالد عن سوء تصرفها .. وستخبره
بأشياء كثيره تجول في بالها
نوف : هذه الليله عندما يعود .. سأخبره اني لا استطيع ان اتمادى
اكثر .. فتربيتي واخلاقي لا تسمح لي ان اقف كل ليلة هكذا .. واني
اخاف ان يرانا احد .. لذلك سأوضح له ان كان معجب بي فليتبع الطريق
الصحيح في هكذا امور .. وليكلم ابي ان كان جاداً ... وان كان يلهو
ويتسلى .. فليلهو بعيداً عني ... لكن انا اعرف انه ليس بالرجل
العابث .. بل يتضح من تصرفاته بأنه رجل عاقل ومتزن ... سأتجرأ الليله
وابوح له بما يقلقني فأنا لم اعد استطيع التحمل ... ولكن لما انا على
عجله من امري هكذا فالوقت كله امامي فاليوم لنا وغداً ايضاً لنا .. لكن
اريد لأعتذاري ان يصله بسرعه
اثناء ذلك كان خالد قد خرج من الفندق برفقة صديقه احمد .. وقصدا
احد المقاهي وكان احمد يروي احداث سهرة قضاها الليلة الماضيه في
مشاهدة مسرحيه فكاهيه .. الا ان خالد كان غارق في التفكير ويحادث نفسه
الليلة لن اخرج الى الشرفه ... اشعر اني اغضبتها .. سأتركا الشرفه
لها لتستطيع التمتع بوحدتها .. ولكي تفكر بهدووء عسى ان يتغير
موقفها تجاهي ... فأنا لست ابداً ماتفكر به .. بأني ذلك الرجل المتهور
اللامسئول .. لا والله ما انا الا رجل قد اهداها كل مشاعره وهتفت لها
جوارحه ومنحها قلبه بكل شوق ولهفه
احمد : انك لا تصغي اليً .. مابالك ؟ لما كل هذا الشرود ؟
خالد : احمد اني ارجف من اللهفه .. انني اكاد اطير واحلق بين
النجوم ... فقد عرف الحب طريقه الى قلبي واصبحت نبضات قلبي
غريبه .. تكاد تتقافز في صدري من الشوق ... آه يااحمد لو تعرف لذة الحب وعجائبه
احمد : اخبرني ياصديقي ماذا حدث لك ؟ ومتى كان .. لقد احسست
بالتغيير الذي طرأ عليك لكني عجزت في فك رموزه
خالد : تمهل ياعزيزي .. غداً سوف احسم الامور .. وان جائت حيث
مااريد سأخبرك بكل شيء .. انني اتشوق لغداً مثل شوق ارض
عطشى لقطرات المطر
؛ ؛ ؛
؛ ؛
؛
خرجت نوف الى الشرفه في وقت مبكر وجلست تنتظره هناك وهاله من
القلق والارتباك تكسو ملامحها وبين لحظه ولحظه تنظر الى ساعتها ...
نوف : لما تأخرت ياخالد الم اعد اثير فضولك .. وهل زال اعجابك وتبخر ؟
ليتني اجد لأسئلتي اجابات تريح قلبي
عاد خالد متأخراً تلك الليله متعمداً ... فهو لا يستطيع ان يجلس في
غرفته دون الخروج الى الشرفه وهي واقفة تنتظر هناك .. ولكنه عزم
على عدم الخروج وترك المجال لها كي تحسم امورها ....
خالد : غداً ياحبيبتي سأخبرك بكل شيء .. بأنك اصبحت الهواء الذي
اتنفسه .. بأنك غاليتي التي احببتها ولم اعد احتمل فراقها ... الليله لك
الحريه في التمتع بجمال الليل وهدووئه .. ولكن غداً سيكون لنا معاً ..
سأخبرك بأني رجل شريف وأستأذنك بأني سأطلبكي من ابيك ... غداً
ستكون الحياه كلها لنا معاً .. آه مااطول هذه الليله .. آلهي الهمني
الصبر حتى نهار الغد
نام خالد تلك الليله وابتسامه حزينه مرتسمه على وجهه وكأنها تنبأه
بما سيحدث له غداً ... اما نوف فقد دخلت الى غرفتها بعد ان يأست
من خروجه وأيقنت بأنه قد فقد اهتمامه بها ....
نوف : لما لم تخرج خالد ... لما تحرمني من فرصة اخبارك بأنك اصبحت
حياتي التي اعيشها .. وأنك قلبي الذي احيا به ... غداً سأخبرك بكل
هذا ... غداً ياعزيزي ستكون ليلة الاعتراف ... وسأعتذر لك عن برودي
ايضاً .. وسأطلب منك بأن نكون على الطريق السوي الذي يريحنا معاً ...
غداً .... غداً ...... غداً
كانت تردد هذه الكلمه حتى نامت ودموع صغيره تتلألأ بين اهدابها ...
غافله عما يحمله لها الغد
؛ ؛ ؛
؛ ؛
؛
استيقضت نوف وطرقات على باباها تنبأ بأحداث يوم لن تنساه طول حياتها
نوف : من ذا الذي يطرق بابي في هذا الوقت المبكر .. نهضت وأذا
بوالدتها تخبرها بأنه حان الرحيل .... صعقت نوف لهذا الخبر المفاجىء
وخرجت مسرعه قاصده غرفة والدها ....
نوف : ابي لما هذا القرار ... لما الرحيل هذا اليوم بالذات ؟
والدها : تعلمين عزيزتي بأني رجل عسكري وأني في منصب حساس
ولقد تلقيت اتصالاً يحتم علي العوده بأسرع وقت ويجب علي الامتثال لهذا الامر
نوف : ولكن ياابي لم نمضي سوى عشرة ايام فقط
والدها : سأعوضها لكم عزيزتي ولكن ليس علينا اليوم سوى العوده
للرياض بأسرع وقت .. لقد حجزت لنا مقاعد على رحلة مابعد الظهر
عادت نوف الى غرفتها وقد خارت قواها وانهارت مشاعرها ... كانت تريد
البكاء ولكن ابت الدموع ان تساعدها وكأنها قد اتفقت مع هذا اليوم ضدها
نوف : آه ما اتعسني لما هذا اليوم ... اريد ان اخبره بأنني احببته وبأنني
لا استطيع العيش بدونه لو يمهلني القدر الى هذه الليله فقط ...
دخلت عاملة النظافه كالعاده الى غرفة نوف ووجدتها تحزم حقائبها
وكلها اسى ولوعه ودموع متحجره في عينيها
ليلى : هل ستغادرون ؟ هل ستعودون الى بلادكم ؟
نوف : نعم .. سنعود .. ليلى لم تسنح لي الفرصه لأخباره بأنني قد
انجذبت له واصبحت رهينة عينيه ... ارجوكِ اتوسل اليك اخبريه بأنني
اعتذر منه عن تلك الليله واني لم اقصد تجاهله بل هي تصرفات رعناء
مني .. اخبريه بأنني احببته وقد منحته قلبي .. وقد اصبح اسيراً بين يديه
غادرت نوف القاهره ذلك اليوم وقلبها دامي ... ولم يكف عن البكاء
بصمت ومازالت دموعها تأبى ان تنحدر
نوف : لقد كُتب عليّ ان احب واعشق حتى الثماله وان يكون الفراق هو
نهاية هذا الحب ... لقد حرمني القدر من مصارحته وحرمني الاعتذار
منه ... ليتني لم اخرج الى الشرفه تلك الليله وليتني لم أرآه
هنا نزلت دموعها واحست بحرارتها على وجنتيها .. بكت بحرقه وبصمت
لا ... لا ... كيف قلت ذلك .. ان كان القدر قد حرمني منه .. فما زالت
هناك ذكراه وطيفه الذي لن يفارق مخيلتي ابداً .. فكم انا سعيده
بخروجي تلك الليله الى الشرفه ولقائي به ... مااجمل تلك اللحظات ..
لن انساها ماحييت .. وسيبقى خالد في قلبي الى ان يوارى جسدي التراب
؛ ؛ ؛
؛ ؛
؛
دخلت عاملة النظافه ( ليلى ) غرفة خالد وقد نهض من فراشه
وبأبتسامه عريضه قال لها ...
خالد : صباح الخير
ليلى : صباح النور سيدي .. لدي مااخبرك به ..
وصمتت قليلاً ثم اخبرته برحيل نوف ورسالتها له
خالد : هل ماتقولين صحيح ... ام ان هذه مزحه ؟
ليلى : لم اقول الا الصدق سيدي .. لقد غادرت نوف وهي دامعة العينين
وكأن هذا اليوم هو الاخير في حياتها
جلس خالد على طرف السرير واضعاً رأسه بين يديه فلم تعد رجليه قادره على حمله
خالد : لا اصدق .. كيف حدث ذلك ... رحلت دون ان اخبرها بحبي ..
رحلت وقد عزمت على ان تكون لي وحدي تشاركني حياتي الى ان
تنتهي ... كيف ذهبت وتركتني .. كيف .. كيف ؟ ياآلهي امنحني القوه اكاد انهار
ليلى : الامر خارج عن ارادتها سيدي .. اخبرتني ان هناك مايستدعي
عودة والدها الى عمله
خرج خالد مسرعاً الى استقبال الفندق وهناك سأل موظف الاستقبال
خالد : هل يمكنني معرفة اسم صاحب الغرفه 510 التي غادرها اليوم او اي معلومات عنه
الموظف : عفواً سيدي لا يمكن ... هذه من خصوصيات زبائننا ولا يمكن الاطلاع عليها
وضع خالد بعض الاوراق النقديه على الطاوله .. وخاطب نفسه قائلاً :
انني اعرف تمام المعرفه بأن ماافعله خاطئاً ولكن يعلم الله ان مابيدي
حيله غير ذلك وانني لا اقصد به شراً لأحد ولكن هو قلبي الذي انفطر
لفراقها ... فأنا لا اريد سوى معرفة اسم والدها ... واين تسكن ..
لأتمكن من البحث عنها
الموظف : سيدي هذا الرجل الذي تسأل عنه ذا شخصيه بارزه في
وطنه.. ولقد حُجز له هنا من قبل سفارة بلده بسريه تامه .. ودون
معرفة اي معلومات عنه سوى انه يدعى ( ابو نايف ) فقط وكان خروجه
من الفندق بسريه تامه ايضاً
خالد : حسناً استميحك عذراً
عاد خالد الى غرفته ليجد صديقه احمد بأنتظاره .. نظر اليه وقد رسم
اليأس ابشع خطوطه على وجهه واخبر احمد بكل ماحدث معه منذ ذلك
اللقاء في الشرفه الى هذا اليوم
خالد : لقد ضاع الامل في معرفة اي شيء عن حبيبتي .. لم اعد اعرف
ماذا افعل .. لقد ضاقت بي السبل
احمد : لا تحزن ياعزيزي انها اقدار
خالد : كيف استطيع العيش بدونها وقد اصبحت لي الهواء الذي اتنفسه
كيف احيا بدونها وهي شريان الحياه الذي يغذي روحي اخبرني كيف ؟
ساعدني يااحمد لم اعد احتمل
احمد : غداً سنعود للرياض .. وستنسى مع الوقت .. وعليك بالصبر
خالد : ليس غداً .. بل اليوم لم اعد اطيق المكان بدونها ولا استطيع
المكوث هنا وانا اعلم انها هناك في الرياض
احمد : حسناً لك ما اردت
خالد : لقد احببتها بصدق .. احببت كل مافيها من صفات جميله ..
هدووئها .. خجلها .. عفتها ةحشمتها .. خوفها وارتباكها نظراتها التائهه
ابتسامتها ... آه ياآلهي كيف لي ان انساها
؛ ؛ ؛
؛ ؛
؛
كان هناك واقفاً بشرود ... يلفه سكون الليل .. وحيد لا تصحبه سوى
نظره حزينه .. وقلب مكسور .. وصوت ٍ خافت يتهادى اليه لأغنية
... ماعاد بدري ... والصمت من حوله .. رجل توقفت حياته منذ فراقها ..
جسد تسكنه روح هائمه
خالد : ها أنا مازلت اذكرها ... لا .. بل افكر بها لأني لم انساها
لأتذكرها .. ثلاث سنوات مرت وكأنها الدهر ثلاث سنوات تكاد الروح تخرج
مني في كل يومٍ فيها .. لم انساها مع مرور الوقت بل بالعكس كل يوم
يزداد حبي لها وتثور اشواقي كل مامر طيفها امام ناظري .. كيف
استطعت تحمل فراقها كل هذه المده .. ام كيف عشت كل هذه الايام
بدون رؤية عينيها ... لن انساها ماحييت .. ولن انسى الوقفه الملائكيه
وتلك الابتسامه التي عجزت انذاك معرفة سرها .. ياترى هل مازالت
تذكرني ؟ ام انها نست خالد مع مرور الوقت ؟
احياناً ... ينتابني احساس بأني كنت احلم وان فتاتي الحلم ماهي الا
خيال قد تصور لي في احلام اليقضه ..... ولكن كل مااتذكر ابتسامتها
اعرف انها واقع قد كتبه لي القدر ... فليساعدني الله ... كي لا انساها
فأنا اعيش على طيفها الذي يزورني كل لحظه .. واحيا على أمل ان
ألقاها .. ولو ان اليأس قد احتل كل زوايا الأمل في قلبي
ثلاث سنوات كل صيف في هذا الشهر اكون في هذا الفندق علني
القاها يوماً ما ... اقف في هذه الشرفه التي حوت لقائنا الاول ... امني
نفسي بالأمل واسليها بخيال فتاتي الحلم واقفه في الشرفه المجاوره
آه يا نوف ... لم تغيبي عن ناظري لحظه ولم يسلى عنك قلبي يوماً ...
ولن انساك حتى يضع القدر حداً لحياتي
انتابته الرجفه .. التي تعتريه كل ما وعد نفسه بعدم نسيانها .... كان
هناك واقفاً يناجيها بقلب يعتصره الألم لفراقها وعينيه الحزينه لا تفارقان
تلك الشرفه المجاوره له في ....
الـــــدور الســــــابـــع
تمـــت
يشـــرع لنــا الفـــراق مــالا تشـــرعــه لنــا الأحـــاسيــس الأخـــرى
وتضعنـــا النهـــايــه دائمــاً امـــام قــــوس مغلــق
والنهــــايــه تشبــه البـــدايــه ولكنهــا مقلــــوبــه
النهــــايــه تشبــه الهـــلال فــي آخـــر لحظـــاتــه
************
المكــــان .... احـــد فنـــادق القــاهــره الشهيــره المطـلــه علـى النيـــل
الـــزمــن .... شهـــر اغسطـــس صيـــف 1999م
دخل خالد غرفته بالدور السابع في منتصف الليل بعد عودته من حفل
غنائي احياه فنان العرب ( محمدعبده )كان فنان المفضل ... هيأ نفسه
للنوم ولكن ابى النوم ان يداعب اجفانه ... اخذ ينظر للشرفه فهم
بالنهوض ودخل شرفته وهو يردد مقطع من اغنية ... على البال ... حيث
مازالت ترن في مسامعه .. كان الجو يميل للبروده وهناك نسيم عليل
يتطاير من هنا وهناك ... وكانت هي واقفه في الشرفه المجاوره
لشرفته ... تنظر الى الاسفل الى مياه نهر النيل المنسابه .. وتضع
على رأسها غطاء ..صمت خالد وأخذ ينظر اليها دون ان تشعر هي به ..
لقد بهره جمالها وهدووء وقفتها تستند بذراعيها على سور الشرفه
وتحيط بها السكينه وعلى شفتيها ترتسم ابتسامه ناعمه .
خالد : كانت هذه اول نظرة لي اليها .. لم اعرف كيف احدد ابتسامتها
ذلك الوقت .. هل هي ابتسامة حزينه ام سعيده ام ابتسامة خجلى ..
كانت حيرتي شديده انذاك لمعرفة سر ابتسامتها .. ولكن ماكنت متأكد
منه انها اجمل ابتسامه رأيتها في حياتي ...
مازال خالد يحدق بها وينظر دون ان تدري الى
نصف محياها الواضح له ,
اخيراً ادارت الفتاه رأسها ناحيته وكأنها سمعت دقات قلبه المتسارعه ..
فاجأها وجوده بالقرب منها فأسرعت بتغطية نصف وجهها وهمت
بالدخول واغلقت باب شرفتها مستندة عليه ونبضات قلبها تتسارع في
صدرها .
نوف : ياآلهي منذ متى وهو يراقبني ؟ هل رأى وجهي ؟ وكيف لم
اسمع وقع خطواته ؟وهل ياترى رأنا احد ونحن واقفين هكذا جنب الى
جنب ؟رباه لو رأنا ابي .. مذا سيفعل بي حينها ؟
ذهل خالد من هروبها السريع واختفائها عن انظاره .. وجلس ينتظر
عودتها .. وتوالت الساعات الى ان انبلج النور ينبأ بيوم جديد في حياتهما
دون ان يعرف اي منهما ماذا ينتظرهما .
خالد : من ياترى هذه الفتاه ؟ اعتقد انه يومها الاول هنا .. فلم يكن احد
بهذه الغرفه قبل اليوم .. وهل هي بمفردها ام مع عائلتها .. ام مع ...
لا .. لا .. اتمنى ان لا تكون متزوجه , لكن ايعقل ان تكون هناك عينان
عينان بهذه الروعه وقوام بهذه الاثاره وابتسامه آه مااجملها من ابتسامه
استسلم خالد لسلطان النوم وكله امل ان يستيقظ وان لا
تكون فتاة الشرفه مجرد حلم
؛ ؛ ؛
؛ ؛
؛
خالد اعتاد ان يقضي اجازته كل عام في اوروبا .. ولكن هذا العام قصد
القاهره لغرضٍ واحد فقط .. وهو حضور حفلة ( محمد عبده ) المقامه
في فندق سمير اميس وبعدها يسافر مع صديقه احمد الى لندن
لتمضية البقيه من اجازته
؛ ؛ ؛
؛ ؛
؛
استيقضت نوف وطرقات صغيره على باب غرفتها فنهضت بكسل وفتحت
الباب لأخوتها الصغار (عبير ونايف)ورمى الاخير نفسه في حضنها وهو يلهث ...
نايف : نوف ... نوف ابي يريد ان يتحدث اليك ... بسرعه
ارتعدت نوف ... وخاطبت نفسها قائله :
ياآلهي هل رأني ليلة البارحه ؟ ام ان احداً اخبره بما حدث ؟
حسناً اخرجا الآن وعودا الى امي ... وسوف اوافيكما بعد قليل
رفعت سماعة الهاتف وطلبت غرفة والديها ...
نوف : صباح الخير
والدها : صباح النور
نوف : ترددت قليلاً ... هل طلبت التحدث اليّ ؟
والدها : نعم لقد حجزت لنا رحله في (السفينه الفرعونيه) واردت ان آخذ رأيك بها
اخذت نوف نفساً طويلاً وكأن جبلاً قد انزاح عن قلبها
نوف : جيد ياابي .. فكره رائعه متى ستقوم الرحله ؟
والدها : بعد الظهر .. اي بعد ساعه ونصف من الآن
نوف : حسناً سأكون جاهزه خلال نصف ساعه فقط
في بهو الفندق .. كان هو جالس هناك .. لمحته نوف وهي قادمه مع
والديها تلاقت انظارهما فأرتبكت نوف ورمت بنظراتها في كل اتجاه .. عدى الزاويه التي يجلس هو فيها
خالد : هي .. نعم هي .. لم تكن حلماً اذاً .. هي التي امتعت ناظري
ليلة البارحه برؤية جمال محياها .. هي من ارجفت جوارحي بوقفتها تلك
نسي خالد كوب الشاي الذي كان يتناوله حتى برد .. ووضع الصحيفة
جانباً واخذ يسترق النظر الى فتاته الحلم وهي تنتظر مع والدتها واخوتها
الصغار عودة والدها بسيارته
نوف : اكاد احس بنظرات عينيه تخترق عبائتي .. آلهي اجعله يحيد
بنظره عني قبل عودة والدي .. آه لما انا ارجف بهذا الشكل لمجرد
وجوده هنا في نفس المكان الذي اقف به
خالد : من هي هذه البنت ... جمال وانوثه طاغيه وايضاً حشمه
محببه ... تكاد تسلب قلبي من صدري
ركبت نوف سيارة والدها وتوارت عن انظار خالد ... الذي لم يعد يحس
بما حوله غير هذه الجميله التي تسكن الدور السابع
؛ ؛ ؛
؛ ؛
؛
جاء احمد صديق خالد وجلس بجانبه ...
احمد : لقد حجزت لنا مقعدين على رحلة المساء المتوجهه الى لندن
خالد : الغ الحجز .. لم اعد اريد السفر الى هناك
احمد : نعم ... ! ! لماذا ؟ ؟ لم يكن هذا رأيك سابقاً .. قلت انك تريد
حضور حفل محمد عبده ثم التوجه الى لندن مباشره بعد ذلك
خالد : نعم كان هذا قراري ولكن الا يحق للمرء ان يعدل عن بعض قراراته ...
ضحك خالد واشرقت عيناه وسط ذهول احمد واكمل حديثه
خالد : لقد احببت القاهره وسأضل فيها الى ان تنتهي اجازتي
احمد : القرار يعود اليك ( ولله في خلقه شئون ) اذاً انا معك الى ان
تنتهي الاجازه تعرف اني لا استطيع السفر بدونك .. هيا بنا نخرج
وسأختار انا مكان سهرتنا لهذه الليله
خالد : لا .. اعذرني لن اخرج اليوم الى اي مكان .. سأبقى في الفندق
( وخاطب نفسه .. سأنتظرها الى ان تعود .. علنى اروي ضمأ عينيّ برؤيتها )
احمد : اجلس هنا لوحدك اذاً .... الى اللقاء
عادت نوف مع والديها الى الفندق بعد رحله ممتعه .. وخالد مايزال
جالس بنفس الزاويه .. لم تصدق نوف ناظريها لدى رؤيته
نوف : ايعقل ان يكون بهذا الجنون ليجلس كل هذه الساعات بنفس
المكان ... ايكون هذا الرجل عاشقاً .. او به حزناً يمنعه من الخروج
والتمتع بأجازته .. لما انا مهتمه بما يشعر به بهذا الشكل ؟ !
صعدت نوف الى غرفتها .. واسرعت الى الشرفه وهي مازالت بعبائتها
ولثامها ... لتجده هناك ينتظرها بأبتسامه تجلت فيها كل معاني الشوق والوله
خالد : مساء الخير
لم ترد له تحيته .. بل اكتفت بالنظر الى الخارج .. وكأنه غير موجود ولا
يفصله عنها سوى مسافة مترين
خالد : مساء الخير ... لما لا تردين تحيتي ؟
تراجعت نوف تريد الدخول ....
خالد : ارجوك قفي لا تذهبي .. لقد افسدت لك امسيتك .. ارجوك
عودي .. انا من سيذهب من هنا
دخلت نوف غرفتها بسرعه دون ان تتفوه بأي كلمه
نوف : ماذا يريد مني .. لما هو يلاحقني بهذا الشكل .. انني احب
الوقوف بالشرفه والاستمتاع بمشاهدة النيل من فوق ... لا اريد ان احرم
من هذا المنظر الجميل وهذه الشرفه ... لكنه كان بمنتهى الذوق
والاحترام ... هل اخرج الى الشرفه مرة اخرى ؟
لا ... لا لن اعود سأنام باكراً هذه الليله عله يرى مدى تجاهلي فيعدل عن ملاحقتي
لقد دخل خالد الى غرفته لكي يتيح لها العوده الى الشرفه .. ولكنها لم تعد
خالد : ماأغباني لما حادثتها بهذه السرعه ؟ كان علي الانتظار الى ان
تعرف بأني لا اريد اذيتها .. واني لست برجل عابث
نامت نوف وهي تسمع خطوات جارها القلقه .. لقد كان يدور في الغرفه
ثم يخرج الى الشرفه .. ويعود ثانيه الى غرفته ... خالد لم يعتد النوم
باكراً .. لذا ظل جالساً حتى ساعات الصباح الباكره الى ان غلبه
النعاس ونام وهو يفكر بصاحبة الغرفه 509
؛ ؛ ؛
؛ ؛
؛
افاق خالد كعادته بعد الظهر ... تناول افطاره بالغرفه ... وعاملة النظافه
تقوم بعملها امامه ... وخطرت بباله فكره ... سأل خالد العامله عن
اسمها فأجابته بأنها تدعى ليلى
خالد : الديك ابناء ياليلى ؟
العامله : نعم ياسيدي لي ابن واحد فقط وهو رضيع
رق قلب خالد عندما ذكرت ان لها رضيع وهو محروم من احضانها الآن ..
فوضع بعض من الاوراق النقديه على الطاوله
خالد : خذي هذه النقود .. واجلبي لصغيرك مايحتاجه
شكرته العامله وابدت مدى امتنانها لكرمه
خالد : ليلى .. اتعرفين التي تسكن بالغرفه المجاوره ؟
ليلى : لا اعرفها جيداً سيدي فأين انا منها
خالد : لا اقصد ذلك .. اسمعي ليلى .. انا معجب بهذه الفتاه واريدك ان تساعديني
ليلى : عفواً سيدي .. لا تطلب مني هذه الطلبات لست انا من تفعل هذه الافعال
خالد : لا ليلى .. لا تفهميني خطأ .. اقسم لك اني ماقصدت اي فعل
مشين .. اريد ان اعرف اي شيء عنها فقط .. فأنا رجل انزه نفسي عن
كل مايمس شرفي
ليلى : سيدي كل الذي اعرفه ان قلبها يملك من الطيبه مايكفي لجميع
سكان هذه الارض .. متواضعه بعيده عن الغرور وفيها مايشابه لكرمك
سيدي ... لقد اهدتني بعض من اشيائها .. وطلبت مني صوره لصغيري
كي تراه .. انها تملك فؤاد ينضح بالرحمه والطيبه
خالد : وماذا ايضاً .. تكلمي ارجوك لا تتوقفي
ليلى : هذا كل مااعرفه عنها سيدي
وهمت عاملة النظافه بالخروج من الغرفه ونظرات خالد تائهه .. وعلى
شفتيه ابتسامه وبارقة امل تلوح في عينيه .. استدارت له ليلى قبل ان تخرج وقالت :
سيدي اريد ان اخبرك انها تدعى نوف .. وانهت ثلاثة وعشرون ربيعاً من عمرها
وخرجت ليلى بعد هذا التصريح وعلى محياها تلوح ابتسامة رضى
خالد : تدعى نوف ... مااجمله من اسم ... وثلاثة وعشرون ربيعاً اي
انها تصغرني باربع سنوات ... ها قد اصبح لفتاتي اسم اناجيها به
دخلت عاملة النظافه الغرفه 509 وبادرت نوف بالتحيه
ليلى : صباح الخير .. هل استيقضتي آنستي ؟
نوف : نعم ادخلي ليلى .. كيف حالك وكيف هو صغيرك ؟
ليلى : بخير آنستي
نوف : ليلى اريد ان اسألك عن شيء ولكني خجلى من سؤالك اياه
ليلى : تفضلي آنستي .. ولم الخجل .. يعلم الله اني اعتبرك بمثابة اختي
نوف : شكراً لمشاعرك تجاهي عزيزتي
وترددت نوف في كيفية صياغة سؤالها ولكنها شاهدت ابتسامة
ليلى من ترددها وخجلها
ليلى : آنستي لدي شعور ان سؤالك يدور حول صاحب الغرفه المجاوره
اعترت الدهشه وجه نوف الجميل واصابت الرجفه اطرافها
نوف : ياآلهي كيف عرفتي بذلك .. وهل احد غيرك يعرف عن هذا الموضوع شيء
ليلى : اطمئني آنستي لم يعرف احد بشيء ولكن جارك هو من بادرني بالسؤال عنك
ابتسمت نوف وغزت مشاعر الخجل وجهها الفاتن واسدلت اهدابها
بنظرات تفوق الوصف في صفائها
نوف : ماذا يريد .. وعن ماذا سأل ؟ وماالذي قلتيه عني ؟
ليلى : آنستي امهليني كي اجيب .. لقد سألني عن اي شيء اعرفه
عنك .. واجبته انك تملكين اطيب قلب في العالم واعذريني آنستي بعد
ان اقسم لي انه لا ينوي ايذائك وانه معجب بأخلاقك وشخصك .. اخبرته بأسمك
صمتت نوف .. وهي تفكر هل فعلاً اعجب بها دون ان يكون هناك شيء بينهما ؟
نوف : اذاً هل لكي ان تخبريني اي شيء عنه يسكن فضولي الثائر
ليلى : له قلب تحيط به الطيبه .. رجل لم ارى منه الا نظرة الاحترام
لكوني عامله واعيل صغيري واساعد زوجي ... كريم ويملك قلب طفل
صغير .. رأيت ذلك من خلال نظراته عندما ذكرت له صغيري
نوف : فقط هذا الذي تعرفينه .. اريد ان اعرف هل هو لوحده ام لا ..
وكيف يقضي سهراته ومنذ متى وهو موجود هنا
ليلى : نعم هو لوحده .. وله صديق يأتيه كل يوم ويخرجان معاً .. وله
اسبوع فقط منذ سكن هنا ... ويخرج كل يوم بعد المغرب ولا يعود الا
منتصف الليل ... أه نعم .. لقد نسيت انه يدعى خالد
ابتسمت نوف بعد ان ذكرت العامله اسمه وفرحت بهذا القدر من المعلومات عنه
؛ ؛ ؛
؛ ؛
؛
توالت الايام وهم بهذا الحال لا يرى كل منهما الآخر الا بنظرات مسترقه
وعابره .... وفي المساء يخرج كل منهما الى الشرفه ويقفان بدون اي
حديث ... هي لا تستطيع الحديث من خجلها وخوفها الطاغي
وهو .. ممتنع عن الكلام خوفاً ان تهرب من امامه ... فكان يكتفي
بالوقوف والنظر الى هذا الجمال الذي يقف بكل هدووء وسكينه دون ان يبادله النظر
نوف : لما هو صامت بهذا الشكل ... لم لا يتحدث اليَ .. او يحيني بتحية
المساء ... آه ... هل فقد اعجابه بي شعلته .. ام زال اهتمامه بسبب جفائي ؟
خالد : لو تعرفي كم هو شوقي للحديث اليك اريد ان ابثك اشواقي واعبر
لك عن مدى راحتي برؤيتك هكذا وانتي بكامل حشمتك وبغطاء وجهك
الذي يخفيه عني عدى عينيك الساحرتين آه .. من عينيك كيف
استطاعت ان تأسرني وتجعلني سجين اهدابها
نوف : رباه اتمنى ان يتفوه بكلمه واحده فقط .... وان كانت تصبحي على خير
واجتاحتها موجه من الغضب عليه فقررت ....
يتكلم خلال خمس دقائق سأذهب لأنام وسألقنه درساً لن ينساه
ظل هو صامتاً ... وهي تنتظر بلهفه الى ان انقضت الدقائق الخمس ...
عندها دخلت غرفتها واغلقت باب الشرفه ..طغى الحزن عليه ولم يفهم
سبب دخولها وهي من اعتادت الوقوف كل ليله الى ان ينذر الفجر ببزوغ نوره
خالد : هل هي متعبه ؟ ام مستائة مني ؟ المصيبه ان تكون ملت
وجودي صامتاً بهذا الشكل ساعدني ياآلهي اكاد اُجن ....
؛ ؛ ؛
؛ ؛
؛
نوف : ابي لا اريد الخروج الليله ... اني متعبه .. هل بأستطاعتي البقاء في غرفتي ؟
والدها : نعم .. ولكن لا تخرجي لوحدك في غيابي ولا تفتحي الباب لأيُ كان
نوف : حسناً سأفعل ماطلبت ... انا بأنتظار عودتكم
لاحظ خالد غياب نوف وخروج والديها بدونها فأخذ القلق عليها مأخذاً في فؤاده
خالد : لما لم تخرج معهم ... هل هي مريضه ؟ ام انها تنتظرني في الشرفه ...
جن جنونه لهذه الفكره .. ونهض مسرعاً الى غرفته ومنها الى الشرفه
ولكنه لم يجدها هناك
خالد : اين هي اذاً ؟ لما لم تخرج للشرفه ؟
وقف هناك ينتظر خروجها وهي تسمع وقع خطواته المرتبكه في شرفته
نوف : لن اخرج اليوم حتى لا يقف صامتاً مرة اخرى وانا اتحرق شوقاً لكلمة منه
هو يقف والقلق والحيره يأكلان قلبه ... وهي .. تصارع شوقها في
الخروج والنظر اليه
نوف : لم اعد احتمل .. سيقتلني الشوق سأخرج وان كان لا يريد التكلم
معي .... يكفيني ان انظر اليه واشبع ناظري بمن ملك فؤادي
خرجت نوف الى الشرفه واثناء ذلك دخل خالد الى غرفته دون ان يراها
ومن ثم خرج منها بعد ان يأس من خروجها
نوف : ياآلهي ... لقد سئم الانتظار .. آه ماذا فعلت بنفسي ... حرمتها
من لذة النظر اليه .... كم انا غبيه ... رباه ما اتعسني
في تلك الليله عزمت نوف ان تعتذر لخالد عن سوء تصرفها .. وستخبره
بأشياء كثيره تجول في بالها
نوف : هذه الليله عندما يعود .. سأخبره اني لا استطيع ان اتمادى
اكثر .. فتربيتي واخلاقي لا تسمح لي ان اقف كل ليلة هكذا .. واني
اخاف ان يرانا احد .. لذلك سأوضح له ان كان معجب بي فليتبع الطريق
الصحيح في هكذا امور .. وليكلم ابي ان كان جاداً ... وان كان يلهو
ويتسلى .. فليلهو بعيداً عني ... لكن انا اعرف انه ليس بالرجل
العابث .. بل يتضح من تصرفاته بأنه رجل عاقل ومتزن ... سأتجرأ الليله
وابوح له بما يقلقني فأنا لم اعد استطيع التحمل ... ولكن لما انا على
عجله من امري هكذا فالوقت كله امامي فاليوم لنا وغداً ايضاً لنا .. لكن
اريد لأعتذاري ان يصله بسرعه
اثناء ذلك كان خالد قد خرج من الفندق برفقة صديقه احمد .. وقصدا
احد المقاهي وكان احمد يروي احداث سهرة قضاها الليلة الماضيه في
مشاهدة مسرحيه فكاهيه .. الا ان خالد كان غارق في التفكير ويحادث نفسه
الليلة لن اخرج الى الشرفه ... اشعر اني اغضبتها .. سأتركا الشرفه
لها لتستطيع التمتع بوحدتها .. ولكي تفكر بهدووء عسى ان يتغير
موقفها تجاهي ... فأنا لست ابداً ماتفكر به .. بأني ذلك الرجل المتهور
اللامسئول .. لا والله ما انا الا رجل قد اهداها كل مشاعره وهتفت لها
جوارحه ومنحها قلبه بكل شوق ولهفه
احمد : انك لا تصغي اليً .. مابالك ؟ لما كل هذا الشرود ؟
خالد : احمد اني ارجف من اللهفه .. انني اكاد اطير واحلق بين
النجوم ... فقد عرف الحب طريقه الى قلبي واصبحت نبضات قلبي
غريبه .. تكاد تتقافز في صدري من الشوق ... آه يااحمد لو تعرف لذة الحب وعجائبه
احمد : اخبرني ياصديقي ماذا حدث لك ؟ ومتى كان .. لقد احسست
بالتغيير الذي طرأ عليك لكني عجزت في فك رموزه
خالد : تمهل ياعزيزي .. غداً سوف احسم الامور .. وان جائت حيث
مااريد سأخبرك بكل شيء .. انني اتشوق لغداً مثل شوق ارض
عطشى لقطرات المطر
؛ ؛ ؛
؛ ؛
؛
خرجت نوف الى الشرفه في وقت مبكر وجلست تنتظره هناك وهاله من
القلق والارتباك تكسو ملامحها وبين لحظه ولحظه تنظر الى ساعتها ...
نوف : لما تأخرت ياخالد الم اعد اثير فضولك .. وهل زال اعجابك وتبخر ؟
ليتني اجد لأسئلتي اجابات تريح قلبي
عاد خالد متأخراً تلك الليله متعمداً ... فهو لا يستطيع ان يجلس في
غرفته دون الخروج الى الشرفه وهي واقفة تنتظر هناك .. ولكنه عزم
على عدم الخروج وترك المجال لها كي تحسم امورها ....
خالد : غداً ياحبيبتي سأخبرك بكل شيء .. بأنك اصبحت الهواء الذي
اتنفسه .. بأنك غاليتي التي احببتها ولم اعد احتمل فراقها ... الليله لك
الحريه في التمتع بجمال الليل وهدووئه .. ولكن غداً سيكون لنا معاً ..
سأخبرك بأني رجل شريف وأستأذنك بأني سأطلبكي من ابيك ... غداً
ستكون الحياه كلها لنا معاً .. آه مااطول هذه الليله .. آلهي الهمني
الصبر حتى نهار الغد
نام خالد تلك الليله وابتسامه حزينه مرتسمه على وجهه وكأنها تنبأه
بما سيحدث له غداً ... اما نوف فقد دخلت الى غرفتها بعد ان يأست
من خروجه وأيقنت بأنه قد فقد اهتمامه بها ....
نوف : لما لم تخرج خالد ... لما تحرمني من فرصة اخبارك بأنك اصبحت
حياتي التي اعيشها .. وأنك قلبي الذي احيا به ... غداً سأخبرك بكل
هذا ... غداً ياعزيزي ستكون ليلة الاعتراف ... وسأعتذر لك عن برودي
ايضاً .. وسأطلب منك بأن نكون على الطريق السوي الذي يريحنا معاً ...
غداً .... غداً ...... غداً
كانت تردد هذه الكلمه حتى نامت ودموع صغيره تتلألأ بين اهدابها ...
غافله عما يحمله لها الغد
؛ ؛ ؛
؛ ؛
؛
استيقضت نوف وطرقات على باباها تنبأ بأحداث يوم لن تنساه طول حياتها
نوف : من ذا الذي يطرق بابي في هذا الوقت المبكر .. نهضت وأذا
بوالدتها تخبرها بأنه حان الرحيل .... صعقت نوف لهذا الخبر المفاجىء
وخرجت مسرعه قاصده غرفة والدها ....
نوف : ابي لما هذا القرار ... لما الرحيل هذا اليوم بالذات ؟
والدها : تعلمين عزيزتي بأني رجل عسكري وأني في منصب حساس
ولقد تلقيت اتصالاً يحتم علي العوده بأسرع وقت ويجب علي الامتثال لهذا الامر
نوف : ولكن ياابي لم نمضي سوى عشرة ايام فقط
والدها : سأعوضها لكم عزيزتي ولكن ليس علينا اليوم سوى العوده
للرياض بأسرع وقت .. لقد حجزت لنا مقاعد على رحلة مابعد الظهر
عادت نوف الى غرفتها وقد خارت قواها وانهارت مشاعرها ... كانت تريد
البكاء ولكن ابت الدموع ان تساعدها وكأنها قد اتفقت مع هذا اليوم ضدها
نوف : آه ما اتعسني لما هذا اليوم ... اريد ان اخبره بأنني احببته وبأنني
لا استطيع العيش بدونه لو يمهلني القدر الى هذه الليله فقط ...
دخلت عاملة النظافه كالعاده الى غرفة نوف ووجدتها تحزم حقائبها
وكلها اسى ولوعه ودموع متحجره في عينيها
ليلى : هل ستغادرون ؟ هل ستعودون الى بلادكم ؟
نوف : نعم .. سنعود .. ليلى لم تسنح لي الفرصه لأخباره بأنني قد
انجذبت له واصبحت رهينة عينيه ... ارجوكِ اتوسل اليك اخبريه بأنني
اعتذر منه عن تلك الليله واني لم اقصد تجاهله بل هي تصرفات رعناء
مني .. اخبريه بأنني احببته وقد منحته قلبي .. وقد اصبح اسيراً بين يديه
غادرت نوف القاهره ذلك اليوم وقلبها دامي ... ولم يكف عن البكاء
بصمت ومازالت دموعها تأبى ان تنحدر
نوف : لقد كُتب عليّ ان احب واعشق حتى الثماله وان يكون الفراق هو
نهاية هذا الحب ... لقد حرمني القدر من مصارحته وحرمني الاعتذار
منه ... ليتني لم اخرج الى الشرفه تلك الليله وليتني لم أرآه
هنا نزلت دموعها واحست بحرارتها على وجنتيها .. بكت بحرقه وبصمت
لا ... لا ... كيف قلت ذلك .. ان كان القدر قد حرمني منه .. فما زالت
هناك ذكراه وطيفه الذي لن يفارق مخيلتي ابداً .. فكم انا سعيده
بخروجي تلك الليله الى الشرفه ولقائي به ... مااجمل تلك اللحظات ..
لن انساها ماحييت .. وسيبقى خالد في قلبي الى ان يوارى جسدي التراب
؛ ؛ ؛
؛ ؛
؛
دخلت عاملة النظافه ( ليلى ) غرفة خالد وقد نهض من فراشه
وبأبتسامه عريضه قال لها ...
خالد : صباح الخير
ليلى : صباح النور سيدي .. لدي مااخبرك به ..
وصمتت قليلاً ثم اخبرته برحيل نوف ورسالتها له
خالد : هل ماتقولين صحيح ... ام ان هذه مزحه ؟
ليلى : لم اقول الا الصدق سيدي .. لقد غادرت نوف وهي دامعة العينين
وكأن هذا اليوم هو الاخير في حياتها
جلس خالد على طرف السرير واضعاً رأسه بين يديه فلم تعد رجليه قادره على حمله
خالد : لا اصدق .. كيف حدث ذلك ... رحلت دون ان اخبرها بحبي ..
رحلت وقد عزمت على ان تكون لي وحدي تشاركني حياتي الى ان
تنتهي ... كيف ذهبت وتركتني .. كيف .. كيف ؟ ياآلهي امنحني القوه اكاد انهار
ليلى : الامر خارج عن ارادتها سيدي .. اخبرتني ان هناك مايستدعي
عودة والدها الى عمله
خرج خالد مسرعاً الى استقبال الفندق وهناك سأل موظف الاستقبال
خالد : هل يمكنني معرفة اسم صاحب الغرفه 510 التي غادرها اليوم او اي معلومات عنه
الموظف : عفواً سيدي لا يمكن ... هذه من خصوصيات زبائننا ولا يمكن الاطلاع عليها
وضع خالد بعض الاوراق النقديه على الطاوله .. وخاطب نفسه قائلاً :
انني اعرف تمام المعرفه بأن ماافعله خاطئاً ولكن يعلم الله ان مابيدي
حيله غير ذلك وانني لا اقصد به شراً لأحد ولكن هو قلبي الذي انفطر
لفراقها ... فأنا لا اريد سوى معرفة اسم والدها ... واين تسكن ..
لأتمكن من البحث عنها
الموظف : سيدي هذا الرجل الذي تسأل عنه ذا شخصيه بارزه في
وطنه.. ولقد حُجز له هنا من قبل سفارة بلده بسريه تامه .. ودون
معرفة اي معلومات عنه سوى انه يدعى ( ابو نايف ) فقط وكان خروجه
من الفندق بسريه تامه ايضاً
خالد : حسناً استميحك عذراً
عاد خالد الى غرفته ليجد صديقه احمد بأنتظاره .. نظر اليه وقد رسم
اليأس ابشع خطوطه على وجهه واخبر احمد بكل ماحدث معه منذ ذلك
اللقاء في الشرفه الى هذا اليوم
خالد : لقد ضاع الامل في معرفة اي شيء عن حبيبتي .. لم اعد اعرف
ماذا افعل .. لقد ضاقت بي السبل
احمد : لا تحزن ياعزيزي انها اقدار
خالد : كيف استطيع العيش بدونها وقد اصبحت لي الهواء الذي اتنفسه
كيف احيا بدونها وهي شريان الحياه الذي يغذي روحي اخبرني كيف ؟
ساعدني يااحمد لم اعد احتمل
احمد : غداً سنعود للرياض .. وستنسى مع الوقت .. وعليك بالصبر
خالد : ليس غداً .. بل اليوم لم اعد اطيق المكان بدونها ولا استطيع
المكوث هنا وانا اعلم انها هناك في الرياض
احمد : حسناً لك ما اردت
خالد : لقد احببتها بصدق .. احببت كل مافيها من صفات جميله ..
هدووئها .. خجلها .. عفتها ةحشمتها .. خوفها وارتباكها نظراتها التائهه
ابتسامتها ... آه ياآلهي كيف لي ان انساها
؛ ؛ ؛
؛ ؛
؛
كان هناك واقفاً بشرود ... يلفه سكون الليل .. وحيد لا تصحبه سوى
نظره حزينه .. وقلب مكسور .. وصوت ٍ خافت يتهادى اليه لأغنية
... ماعاد بدري ... والصمت من حوله .. رجل توقفت حياته منذ فراقها ..
جسد تسكنه روح هائمه
خالد : ها أنا مازلت اذكرها ... لا .. بل افكر بها لأني لم انساها
لأتذكرها .. ثلاث سنوات مرت وكأنها الدهر ثلاث سنوات تكاد الروح تخرج
مني في كل يومٍ فيها .. لم انساها مع مرور الوقت بل بالعكس كل يوم
يزداد حبي لها وتثور اشواقي كل مامر طيفها امام ناظري .. كيف
استطعت تحمل فراقها كل هذه المده .. ام كيف عشت كل هذه الايام
بدون رؤية عينيها ... لن انساها ماحييت .. ولن انسى الوقفه الملائكيه
وتلك الابتسامه التي عجزت انذاك معرفة سرها .. ياترى هل مازالت
تذكرني ؟ ام انها نست خالد مع مرور الوقت ؟
احياناً ... ينتابني احساس بأني كنت احلم وان فتاتي الحلم ماهي الا
خيال قد تصور لي في احلام اليقضه ..... ولكن كل مااتذكر ابتسامتها
اعرف انها واقع قد كتبه لي القدر ... فليساعدني الله ... كي لا انساها
فأنا اعيش على طيفها الذي يزورني كل لحظه .. واحيا على أمل ان
ألقاها .. ولو ان اليأس قد احتل كل زوايا الأمل في قلبي
ثلاث سنوات كل صيف في هذا الشهر اكون في هذا الفندق علني
القاها يوماً ما ... اقف في هذه الشرفه التي حوت لقائنا الاول ... امني
نفسي بالأمل واسليها بخيال فتاتي الحلم واقفه في الشرفه المجاوره
آه يا نوف ... لم تغيبي عن ناظري لحظه ولم يسلى عنك قلبي يوماً ...
ولن انساك حتى يضع القدر حداً لحياتي
انتابته الرجفه .. التي تعتريه كل ما وعد نفسه بعدم نسيانها .... كان
هناك واقفاً يناجيها بقلب يعتصره الألم لفراقها وعينيه الحزينه لا تفارقان
تلك الشرفه المجاوره له في ....
الـــــدور الســــــابـــع
تمـــت